حمولة ...

تعبق رائحة القهوة في أرجاء مخيم برج البراجنة، فهناك في قاعة «بن جدّو والجليل»، تجتمع كبيرات السن حول الجرن والمهباج، لتعود الذاكرة إلى أرض فلسطين وتراثها. تتولى سيدة «تحميص» القهوة، وللجميع حصة في احتسائها، فالإبريق جاهز لسكبها. والقهوة الفلسطينية سيدة الموقف في كل مناسبة يُحتفل بها.

 

أمس، دعت «لجنة تنسيق العمل التنموي»، المؤلفة من عدد من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، إلى إحياء «يوم الأرض» الذي يحتفل به في الثلاثين من آذار. وأحبّت اللجنة الاحتفال به باكراً، تزامناً مع عيد الطفل، فدُمجت المناسبتان، وعاش سكان المخيم عرساً فلسطينياً، شارك فيه الأجداد والاحفاد.

 

في المشهد نفسه، تخترق مسنة فلسطينية الحشود، وترقص بينهم على إيقاع نشيد «على الرباعية رافعين الراس فلسطينية». ترفض أن يقاطع أحد فرحتها، فنادراً ما ينتابها هذا الشعور، وهي لم ترقص منذ سنوات. ولدت هذه السيدة في قرية عكا وهجرت فلسطين وهي في الخامسة من عمرها. لا تذكر شيئاً عن الأرض، لكنها حفظت التراث والتاريخ على ايدي آبائها وأجدادها، لتتولى بنفسها نشر ما تعلمته لأولادها وأحفادها. فالسيدة تؤمن بعبارة ترددها دائما لكل من يسألها عن فلسطين، وتقول: «اللي ما بيعرف فلسطين بيجهلها».

 

يتمتع التراث الشعبي الفلسطيني بمكانة كبيرة في الذاكرة الفلسطينية لما له من أهمية ترتبط بالتاريخ والجذور والهوية التي تتعرض للتهويد يوما بعد يوم، ويزداد الخطر على هذا التراث في ظل الظروف الحالية التي يمر بها الشعب الفلسطيني. ولأن المناسبة خاصة بـ«يوم الأرض» افتتحت اللجنة معرضها التراثي الذي يستمر حتى اليوم، وأحيت من خلال الصور ذكرى الثلاثين من آذار 1976، حين أعلن فلسطينيّو 1948 الإضراب الشامل احتجاجاً على مصادرة إسرائيل آلاف الدّونمات من الأراضي.

 

في المعرض أيضاً، حنين إلى حيفا وعكا وحق العودة إلى مجد الكروم وشعب والجليل وغيرها من القرى المحتلة. ولم ينسَ المنظمون تكريم أشهر الشخصيات الفلسطينية: الرئيس الراحل ياسر عرفات، ناجي العلي، دلال المغربي، غسان كنفاني، محمود درويش وعبد القادر موسى كاظم الحسين. أما «الأسرى البواسل» فهم «رمز عزتنا وعنفواننا»، وخصّص المعرض زاوية لهم استحضرت معركة الكرامة في العام 1968. وتخلّل المعرض الذي أقيم بحضور سفير فلسطين أشرف دبور، تكريم القيادي في «حركة فتح» الشهيد عرسان الهابط، بحضور مسؤولين عن المنظمات والفصائل الفلسطينية.

 

وللمناسبة ذاتها، احتفل المخيم بعيد الطفل في «كرمس» للاطفال تضمن فقرات فنية وثقافية وتوزيع هدايا، ومسابقة وطنية تختبر ثقافتهم بيوم الأرض. وختاماً، صدحت الاناشيد ورقصت على إيقاعها فرق «البيادر» و«أحلام لاجئ» و«بيت أطفال الصمود» و«جمعية المرأة الخيرية» و«المركز العربي» و«جمعية الأخوة للعمل التضامني». وشارك ايضا مصطفى زمزم وفرقته الفنيّة، المقيم في مخيم برج البراجنة.




المستعمل تعليقات