قال الله سبحانه و تعالي:
«إنما يخشي الله من عباده العلماء»
و قال النبي الأعظم(ص):
«إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء».
لقد كان خبر ارتحال العلامة محمد حسين فضل الله العلم المجاهد و المفكر الشيعي الكبير ثلمة حقيقية في الإسلام .
عاش هذا العالم و المفكر الإسلامي في كافة مراحل عمره الشريف منذ نعومة أظفاره مواكباً حركة العلم و الجهاد ، و الكفاح و النضال الفكري و السياسي و الثقافي ، داعيا في حركته العلمية و العملية إلي رفع دعائم الاسلام و قيمه السامية.
تعرّض سماحته للعديد من محاولات الاغتيال بسبب مواقفه البطولية و الجهادية الجريئة ، و صموده و دعمه المطلق لمواقف حزب الله و المقاومة ، و مواجهة الكيان الاسرائيلي الغاصب ، و سياسات الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها الاستكبارية ، و لم ينجو بيته الخاص أيضاً من محاولات الإساءة ، و قد تعرض لمرات عديدة إلي غارات جوية في حرب الثلاث و الثلاثين يوماً الدموية التي شنّتها طائرات الكيان الإسرائيلي الغاصب .
و لم توقف كل هذه المحاولات من عزيمة و إصرار هذا العالم المناضل في الصمود و التصدي للكيان الصهيوني و جرائمه بحق المسلمين ، أو الحدّ من حركته الجهادية و البطولية .
إننا و من هذا المنبر نعلن و بصراحة : أنه ليس هناك من بقعة من بقاع العالم الإسلامي في الدفاع عن المظلومين و المسلمين في العالم الإسلامي ، إلا و لهذا العالم المجاهد دوراً مشرفاً و معلناً في المقاومة و الصمود ، و دعم القضايا الإسلامية و قضية فلسطين .
تعتبر شخصية السيد فضل الله من المصاديق العلمائية الواعية و المرجعية الرشيدة التي ينبغي الرجوع لها في «الحوادث الواقعة» ، كما خرج عنه (ع ) في التوقيع الشريف بإعلانه عن بدأ الغيبة الكبري . فقد أبدي بسالته و بمعرفته الخاصة وعياً و تفهماً في تشخيص القضايا المصيرية للأمة الإسلامية ، وتحديد المواضيع المستحدثة في معالجتها ، وعرضه أبحاثاً جديدة و معاصرة في هذا الإطار، و قد تناول بحوثاً فقهية و كلامية جديدة ، مما يؤكد و يدعم هذه الحقيقة .
و بعيداً عن صحة بعض هذه النظريات و الافتراضات ، فقد واجهت هذه الأفكار البنّاءة موجة من الغضب و الاعتراضات لدي بعض العلماء التقليديين و أفكارهم الخاطئة و المنحرفة ، المخالفة للشئون الأخلاقية و القيم المعنوية السامية ،التي وصلت إلي مرحلة التكفيرو حملات التشهير لهذا العالم و المفكر الشيعي ، فإن دل هذا علي شيء ، فهو يدل علي عمق و شراسة التحدي و المواجهة من قبل جبهات التحجر و الفكر الغربي المدعوم من الغرب و الاستكبار العالمي ضد آفاق التحرر و الوعي الإسلامي .
لقد وقف هذا العالم وقفة رجل واحد بشموخ رافضاً كل التحديات و المساومات من قبل البعض في حملات التشويه و التسقيط .
يعتبرالعلامة فضل الله بلا شك المثال المتكامل للداعية الإسلامي نحو التقريب و الوحدة ، متمسكاً بسيرة النبي الأعظم (ص) و الأئمة الطاهرين المعصومين (ع) ، و معرباً في مواقف عديدة عن دعمه و تأييده لحركة التقريب بين المذاهب الإسلامية ، و لزوم الحفاظ علي الوحدة المذهبية و السياسية .
لقد مضي أسبوعاً علي ارتحال هذا العلم الأسوة و المفكرو المرجع الكبير ، و افتقدته كثير من منتديات العلم و المحافل السياسية . و ها هي برقيات الحزن و الأسي تتري عليه من كل حدب و صوب من كبار علماء أهل السنة و العلماء و الشخصيات غير الإسلامية بمختلف طوائفها و تكتلاتها السياسية من كافة أرجاء البلاد الإسلامية ، معبّرة عن حزنها و أسفها ، و عظم المصاب و الخطب الأليم الذي ألمّ بالأمة الإسلامية جمعاء.
لقد كانت هذه الشخصية الأنموذج الحضاري الراقي للشخصية الإسلامية الطموحة ، و الجوهر النضيد للشخصية الإسلامية الفذة بين المسلمين في العالم الإسلامي، و لن تتحدد شخصيته ببلد أو مذهب معين .
تعلن رابطة المجمع العالمي للأمة الواحدة من هذا المنبر عن أسفها الشديد لهذا الحادث الجلل ، معربة عن تضامنها مع أسرة الفقيد ، و عن حزنها الشديد لتلامذة هذا العالم و المرجع الإسلامي العظيم ، ولأنصاره و محبيه ، و داعية المولي عزوجل المضي و الاستمرار علي هذا النهج إن شاء الله ، و للفقيد السعيد الدرجات العالية و الرضوان .
الأمانة العامة لرابطة المجمع العالمي للأمة الواحدة